L o a d i n g
وسائل التواصل الاجتماعي
تواصل معنا
info@sadnah.sa
+966 55 795 7524
رحلة بين الغيوم

رحلة بين الغيوم

هنالك أوقات أشعر فيها أنني أقف على حافة الحياة ولدي خيارين، إما أن أسقط في اللاوقت، في الثقب الأسود حيث التيّة، أو أن أحلق نحو الضوء الذي يطل عليّ من بين الغيوم. دائمًا ما أختار التحليق، فاقفز بين الغيمة والأخرى، بين العالم والآخر لتصطحبني الغيوم في رحلةٍ بالأزمنة المختلفة. اليوم كانت محطتنا قرية ريفية في اللامكان، حيث توقفنا فوق مزرعة تمتد حدودها إلى مالا تصل إليه العين المجردة. تزيّن زهور السوسنة السوداء أسياجها، وبجانب الباب الأزرق العتيق للمزرعة شجرة ملول معمّرة. طفنا أنا والغيوم نجوب هذه المزرعة الشاسعة، حتى توقفنا عندما رأيناها! فتاة لا تتجاوز ربما الخامسة عشر من عمرها ترقص بأقدام حافية على أنغام أغنية لا يسمعها سواها، لكن في لحظتها، ومن شدة انخراطي في خطوات رقصتها الرقيقة وابتسامتها المشرقة، أحسست أنني استمع لنفس الأغنية في رأسي. أكملت الفتاة تتراقص مع أنسام الربيع، حتى انحنت وقطفت وردة كدت أقسم أنها أزهرت وتفتحت عندما لامستها أنامل الفتاة العطوفة. ثم اتجهت نحو امرأة تكبرها سنًا، ربما والدتها! تجلس على كرسي بُهت لونه من الشمس. حرصت الفتاة الحنونة أن تنزع الشوك من الوردة قبل أن تضعها في شعر والدتها ضاحكة. تركناهما تحتسيان شاي النعناع ومستظلتان عن شمس الظهيرة على تلك الكراسي الباهتة وعدنا بالزمن والطريق لحافة الحياة مجددًا! كل رحلة مع الغيوم تذكرني أن هذه الحياة سواءٌ بهذا العالم أو العالم الذي يليه أو حتى الذي يسبقه، يستحقان الصبر والتجربة، وتؤكد لي أنه مهما كانت تجربتي في هذا الزمن صعبة أو مرهقة هنالك فرصة أن أصنع لنفسي بالمستقبل زمنًا أفضل وأحمل بقلبي مئة قصة شيقة بعصورٍ عدة.

رحمة الشمري كاتبة محتوى 2025 March 15

اترك تعليق